المبدا الذي يسيطر على النقد العربي القديم هو بقاء الرافد الجاهلي وهو تعبير عن الصلة التي تربط بين العرب بعد الإسلام والعرب في الجاهلية وبقاء هذا الرافد هو تعبير عما يشبه صمود العقل العربي وبسط نفوذه على الروافد الثقافية الوافدة عليه ولعلّ من مظاهر هذا النقاء الصورة المثلى للغة العربية ممثلة في القرآن الكريم ثم الغصرار على ان الأدب العربي صورة ناضجة قبل أن يحتك بغيره من الآداب العالمية ومن ثمة كان الشعر الجاهلي أعلى قمم الشعر على الإطلاق حتى صار مصدرا من مصادر اللغة ومرجعالكل ناظم ومن حاد عنه أو عن عموده فكأنما حاد عن الدين وما كان يسمى بعمود الشعر إنما هو إقرار بنضج الشعر الجاهلي والخروج عن هذا الاقرار هو خروج على نقاءالطبع وجوهر التفكير الموروث وانقطاع عنالاحساس بالماضي العريق ولا ريب أن جريرا حين أرادان يعبر عن عاطفته الخاصةبقوله : إنّ اللذين غدوا بلبّك غادروا***وشلا بعينك مايزال معينا***غيّضن من عبراتهنّ وقلن لي ***ماذا لقيت من الهوى ولقينا. فما كان رد أنصار عمود الشعر من هذه المجازفة؟؟؟؟ قالوا هذا لفظ جميل ولكنّ صاحبه مارقلأنّه حاد عن سلطان النظامولأنه أباح لنفسه التعبير عن فرديته وذاتيته وعاطفته؟؟؟؟؟إذن فالعاطفة الشخصية خطر على الولاءلنقاء الأدب العربي***بتصرف من كتاب ***قراءة ثانية لشعرنا القديم**للدكتور:مصطفى ناصف ******يتبع في الحصة القادمة**** بقلم البرزوتي