رجل مصري لم يتمالك دموعه على بعد مرمى حجر من تراب بلاده العزيزة على قلبه أمسك بكلتا يديه السلك الفاصل بين منزله والأرض التي علق عليها وصرخ قائلاً: "حد يقول لريسنا حسني مبارك عايزين نروح لبلادنا ومش راجعين هنا تاني".
أكثر من مائتي مواطن مصري جلهم من النساء والأطفال علقوا في قطاع غزة منذ سبعة أشهر عندما بادروا إلى زيارة أقاربهم في القطاع أثناء تفجير الفلسطينيين للجدار الفاصل بين مصر ورفح في اواخر كانون ثاني/يناير من العام الجاري، ومنذ ذاك اليوم لم يستطيعوا العودة وعلقوا في رفح فأنشأوا الخيام وأطعموا اطفالهم مما يتبرع به الغزيون من مأكل ومشرب ولدغتهم بعض العقارب وثعابين الأرض بعد أن شاركتهم الطعام.
وحينها قرر مسؤولون بالحكومة بغزة إسكان الأشقاء المصريين في مدرسة القدس الثانوية للبنات المتآكلة الجدران في رفح تمهيداً لنقلهم إلى بلدهم وهناك بين ثناء العالقين لهذا الحل المؤقت ورغبتهم بالعودة سريعا الى بلدهم يسكنهم الشوق والألم ويخافون ان تطول مدة إسكانهم في مدرسة فلسطينية.
الرجل الذي امسك بالسلك الحدودي الفاصل ملامحه جد مصرية وبكاؤه يكاد يكون باللهجة المصرية المروية بمياه نهر النيل يقول: "تعبنا والله وتبهدلنا حد يقول لريسنا حسني مبارك يرجعنا حرّمنا نيجي هنا تاني".
كلمات تشعر الفلسطيني بالألم كون الشقيق المصري تعب في بلده ولكن فراق المصري عن ذويه واحبابه وموطنه وبيته يشفع له رغبته بالعودة السريعة.
"دولت حسن" سيدة مصرية بكت بحرقة أثناء تفقدها لبعض الأغطية والملابس التي منحها محسنون فلسطينيون لها ولأطفالها وقالت بين بكاء وتعجب: "سبعة شهور وانا هنا ضاعت المدرسة على أطفالي، فاضل نعمل ايه ربنا عالم عايزين نروح وخلاص".
أما جارتها بذات الغرفة المدرسية والتي جلست على غطاء بعد ان طوته قالت: "نطالب كل الدول العربية أن ضغط لفتح معبر رفح (..) عايزين نرجع لبيوتنا واطفالنا احنا قاعدين هنا بنعمل إيه" مضيفة:" انا جيت ازور بنتي ومن يومها ما قدرت اروح".
وعلى بعد غير يسير تكاد عالقة من الأردن تصرخ وتقول: "لا احنا بالأردن ولا غزة احنا عالقين بين السما والأرض ما نتصور هالعلاقات بين العرب احنا اخوة ومش قادرين نروح لبلادنا".
منسق الجمعية الاسلامية التي أخذت على عاتقها تقديم الخدمات الإنسانية للعالقين يصف وضع العالقين بالمأساوي ويشدد على أن مطلبهم الوحيد هو العودة إلى بيوتهم في مصر، مشيرا الى تردي أوضاعهم الصحية.
وقال المنسق ابراهيم زعرب: "لقد أبلغوني اليوم نيتهم الإضراب عن الطعام", مشيراً
الى ان بينهم 45 طفلا وحوالي 60 سيدة والباقي رجال اغلبهم مسنون حيث قال ان عددهم الإجمالي 180 مواطناً مصرياً.
واكد على أن المساعدات التي تقدمها الجمعية الاسلامية ستستمر بتمويل من اتحاد الأطباء العرب إلى أن تفرج كربة العالقين.